الكتاتيب

2ـ الكتاتيب :


 
الكتاتيب ومفردها كُتّاب،
والكتاب: هو موضع الكتابة، والمكان الذي يتلقى فيه الصبيان العلم،
ويجتمعون فيه لحفظ القرآن الكريم قراءة وكتابة،
وتلقي مبادئ الدين الإسلامي، واللغة العربية،
وبعض العلوم الأخرى، ويدير الكتاب معلم يطلق عليه عدة أسماء منها:
المعلم، المؤدب، الفقيه، الملا، المطوع ، الشيخ
وهو الرجل الصالح الذي يوظف نفسه لخدمة الناس
ويشترط فيه عدة شروط من أهمها: - رسوخ العقيدة الإسلامية لديه –
الإلمام بالمواد التي يدرسها، مراعاة ميول وحاجات الأطفال
ومعاملتهم بالإحسان والتلطّف،
وإلى جانب المؤدب يوجد شخص آخر يسمى العريف،
وهو بمثابة أحد كبار الصبية النابهين، يشرف على زملائه في فترة غياب المؤدب.
ولا يقتصر دور المؤدب على تعليم الأطفال القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم
والأحاديث النبوية الشريفة وغيرها، بل يحرص على تنشئتهم النشأة الصالحة
ويغرس في نفوسهم الأخلاق الحميدة والمبادئ الفاضلة،


يقول الشيخ محمد طاهر الكردي رحمه الله تعالى:
  يرجع انتشار الكتاتيب بمكة المكرمة وغيرها منذ قرن مضى لأربعة أمور هي :

01
قلة السكان وعدم انتشار التعليم العالي في البلاد .
02
قلة مصاريف الكتاتيب ونفقاتها ، إذ يكفي الكتَّاب الواحد أستاذ أو أستاذين ، ولا يحتاجون لخادم ، لان التلاميذ يقومون بالخدمة ،وكان أجودهم في الكتابة يساعد أستاذه بتعليم إخوانه ، ويسمونه العريف أو رئيس الفرقة .
03
عدم منع الغرباء من الإقامة في احد الحرمين الشريفين ، وعدم اخذ رسوم عليهم مقابل إقامتهم ، فكان الغرباء من العرب يقيمون في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ، ويفتحون الكتاتيب لتعليم أبناء البلاد القراءة والكتابة ، و ، وبعض علمائهم يرغب في التدريس بالحرمين الشريفين ، فيحضر دروسهم كثير من الناس وينتفعون بعلمهم .
04
عدم معارضة الحكومة لمن يريد أن يفتح كتاب أو مدرسة ، بل ويجد من أهل البلاد مساعدة وإقبالا وتقديرا لهم.




الكتاتيب في المسجد النبوي الشريف:
الكتاتيب ومفردها كُتّاب، والكتاب: هو موضع الكتابة، والمكان الذي يتلقى فيه الصبيان العلم، ويجتمعون فيه لحفظ القرآن الكريم قراءة وكتابة، وتلقي مبادئ الدين الإسلامي، واللغة العربية، وبعض العلوم الأخرى، ويدير الكتاب معلم يطلق عليه عدة أسماء منها:المعلم، المؤدب، الفقيه، الملا، ويشترط فيه عدة شروط من أهمها: - رسوخ العقيدة الإسلامية لديه - الإلمام بالمواد التي يدرسها، مراعاة ميول وحاجات الأطفال ومعاملتهم بالإحسان والتلطّف، وإلى جانب المؤدب يوجد شخص آخر يسمى العريف، وهو بمثابة أحد كبار الصبية النابهين، يشرف على زملائه في فترة غياب المؤدب.ولا يقتصر دور المؤدب على تعليم الأطفال القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وغيرها، بل يحرص على تنشئتهم النشأة الصالحة ويغرس في نفوسهم الأخلاق الحميدة والمبادئ الفاضلة، وقد اشتهرت الكتاتيب في بلدان العالم الإسلامي شرقه وغربه، واعتبره بعض الدارسين على أنه مؤسسة إسلامية عرفها المسلمون منذ فجر الإسلام، ومن هذه البلدان الجزيرة العربية وخاصة في بلاد الحرمين الشريفين، وكانت هذه الكتاتيب قوام التعليم حتى ما بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وفي المدينة المنورة لعب الكتّاب دوراً بارزاً في حياة المدنيين فأول ما عرفه المسلمون في المدينة كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما كثر عدد صبيان المسلمين، ولا يجدون من يعلمهم، فأمر باتخاذ كتاتيب في كل حي من أحياء المدينة، يغدو إليه الصبيان يتعلمون فيه كتاب الله ومبادئ القراءة والكتابة، وجعل للمعلم المتفرغ لذلك أجراً على عمله، ومن الأماكن التي انتشرت فيها الكتاتيب في المدينة المسجد النبوي الشريف.وقد ظل المسجد على مدى تاريخه الطويل المنهل العذب والمدرسة الأولى التي يتلقى فيها الطلاب العلم والتعليم، وتخرجت منه أجيال عديدة من أبناء المدينة والمسلمين كافة، وبقيت ساحاته وجوانبه زاخرة بحلقات العلم حتى الآن، وبالكتاتيب حتى فترة متأخرة من القرن الرابع عشر الهجري، وقد تناول هذه الكتاتيب عدد من المؤرخين والدارسين منهم :علي بن موسى في كتابه وصف المدينة عام 1303هـ، فذكر أن في المسجد النبوي اثني عشر كُتّاباً للقراءة وواحداً لتعليم اللغة الفارسية، ومكانها في الجهة الشمالية من المسجد بجوار باب المجيدي.وجاء في التقويم الرسمي العثماني لولاية الحجاز [سالنامة ولاية الحجاز] بين عامي [1301-1309هـ] إحصائية عن الكتاتيب الموجودة داخل المسجد النبوي وخارجه كما يلي:العام عدد الكتاتيب عدد المدرسين عدد العرفاء عدد التلاميذ
1301
هـ 13 12 12 250
1303
هـ 13 12 12 250
1305
هـ 13 12 12 360
1306
هـ 13 12 12 360
1309
هـ 13 12 12 360 وذكر إبراهيم رفعت باشا في كتابه (مرآة الحرمين) أنه شاهد عام 1318هـ / 1891م في الجهة الشرقية من المسجد النبوي كُتّاباً ذا طابقين أرضي وعلوي، يتعلم فيه الصبيان القرآن الكريم ومبادئ العلوم الأولية.وذكر الشيخ جعفر فقيه في حديثه عن التعليم في المدينة المنورة في بداية القرن العشرين وبحدود عام 1325هـ أن عدد الكتاتيب في المسجد النبوي كان ستة كتاتيب هي:
1-
كتاب الشيخ مصطفى بن أحمد فقيه، وقد بدأ التعليم فيه عام 1273هـ، ثم خلفه أخوه إبراهيم.
2-
كتاب الشيخ مصطفى الزهار: وقد بدأ التعليم فيه عام 1300هـ، ثم تولاه الشيخ محمد التابعي، ثم الشيخ عبد الفتاح أبو خضير.
3-
كتاب الشيخ إبراهيم الطرودي: وقد بدأ التعليم فيه عام 1300هـ
4-
كتاب الشيخ بشير المغربي: وقد بدأ التعليم فيه عام 1300هـ.
5-
كتاب الشيخ عبيد السناري والشيخ الحافظ حمدي أفندي الذي كان يعلم اللغتين التركية والفارسية.وكان شيخ كل كتّاب من هذه الكتاتيب يتقاضى معاشاً من الخزينة النبوية مقداره مائتا قرش عثماني والعريف يتقاضى مائة قرش عثماني.وذكر الأستاذ عثمان حافظ في كتابه صور وذكريات أن عدد الكتاتيب في المسجد النبوي الشريف في عام 1333هـ /1914م كان (8) كتاتيب وموقعها في الجهة الشمالية من المسجد، وقد تعطلت بسبب الحرب العالمية الأولى.وذكر الأستاذ ناجي الأنصاري في كتابه (التعليم في المدينة المنورة) أن عدد الكتاتيب بالمدينة المنورة في عام 1349هـ ثلاثة كتاتيب أميرية في داخل المسجد النبوي الشريف، ومجموع التلاميذ بها (125) تلميذاً، وعدد المعلمين فيها (6) معلمين، حيث تطلب كتاب الشيخ محمد التابعي مساعدة 3 معلمين غيره.وقد بقيت هذه الكتاتيب تؤدي رسالتها التعليمية والتربوية في حدود إمكانياتها المادية والفنية والبشرية وفي ظل وظيفتها الدينية، ومع بداية العهد السعودي عام 1344هـ، أولتها الحكومة السعودية عنايتها والإشراف عليها وتوجيه المعلمين فيها، وتخصيص الرواتب لهم، وتعليمهم طرق التدريس الحديثة، ومتابعة الالتزام بذلك، ومنذ عام 1373هـ أخذت هذه الكتاتيب سواء داخل المسجد النبوي أو في المدينة تتلاشى شيئاً فشيئاً بعدما أخذت المدارس النظامية الحكومية والروضات الأهلية تزحف عليها وتحتل مكانتها، ولم يبق من هذه الكتاتيب في المسجد إلا حلقات لتعليم القرآن الكريم وحلقات أخرى لدروس العلم، حيث بلغ عدد حلقات تعليم القرآن الكريم للصغار عند تاريخ إعداد هذه المعلومة (1420هـ) (20) حلقة يتعلم فيها نحو (600) تلميذ.





"ادوات المستخدمة في التدريس و طريقةالتدريس"
كل ولد يضع أمامه أداة تسمى ( المرفع ) خشبتان على شكل x يوضع عليها القرآن الكريم تستعمل في حمل المصحف أو( الجزور) الجزء الذي يحتوي على سورتان
أو سور ة من القران الكريم.أو جزء كامل من القرآن الكريم والمرفع نوعان : النوع الأول من خشب الشاي وهذا النوع يستعمله أولاد الشيوخ و أبناء التجار والنوع الثاني عبارة عن ( بيت من الصفيح الذي يجلب فيه الكيروسين ( الفنر)وهذا النوع من المرافع كان يستعمله أبناء الأسر المتوسطة والفقيرة.وعند حضور الاولاد الى المطوع يحمل كل واحد منهم غرشة بها ماء للشرب
تحتوي على علامات حمراء او صفراء او زرقاء وذلك لتميزها عن بعضها بعضا ويدفن كل واحد
غرشته في الطين حتى يظل الماء باردا ولا يتعرض لحرارة الشمس.ويولي المطوع الولد الذي حضر لتوه للتعليم إهتماماً خاصاً وعناية فائقة حتى يلحق بباقي زملائه في الدرس . كما يسترعي الولد الجديد إنتباه الدارسين فيعملون على مساعدته وتدريبه على حفظ الآيات وفي يوم الاربعاء من كل اسبوع ينادي المطوع على تلاميذه ويذكرهم باحضار الخميسية
وهي الاجرة الاسبوعية التي يتقاضاها المطوع ويقول: باجر الخميس اللي ما يغيب يخيس
وفي يوم الخميس يجري المطوع اختبارا للتلاميذ يستمع فيه الى حفظ الدروس السابقة فاذا اجتاز التلميذ هذا الاختبار يقولون ( افلان غيب) وهي كلمة تطلق على الابن او الولد الذينجح في حفظ القرآن الكريم او جزء او جزئين.فعندما يجتاز التلميذ حفظ الايات من الحمد الى الفجر او جزء عم يقولون ( افلان غيب)
وهذا يعني على هذا الولد ( هدة)وهي سماح المطوع للصبيان بالخروج على ان يدفع هذا الولد اجرة المطوع وهيروبية او ربيتين.وعند العصر يسمح المطوع للتلاميذ بالذهاب الى منازلهم قبل موعد الدوام العادي الذي عادة مايكون قبل المغرب.ويحدد المطوع مواعيد الدراسة عن طريق ( ظل الشمس) فاذا وصلت الظلال عند الخط المرسوم في الارض اوعند حدود المنزل يعرف المطوع بان الوقت للانصراف قد حان، فيطرق بعصا على اداة من الصفيح معلنا انتهاء الدرس.كما يستعمل ( المنحاز ) وهو اداة تستعمل لدق البهارات في الاعلان عن بداية ونهاية الدراسة في الكتاتيب . وعند سماع الاولاد لقرعات المطوع معلنا نهاية فترة الدراسة يندفعون خارج منزل المطوع مسرعين حاملين معهم ادواتهم ومصاحفهم واثناء خروجهم يرددون بعض الاناشيد او الكلمات وهي اناشيد جميلة تعبر عن فرحتهم باتهاء الدرس.
نبذه عن الكتاتيب في البلدان الإسلامية :


قد اشتهرت الكتاتيب في بلدان العالم الإسلامي شرقه وغربه،
واعتبره بعض الدارسين على أنه مؤسسة إسلامية عرفها المسلمون منذ فجر الإسلام،


، وكانت هذه الكتاتيب قوام التعليم حتى ما بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري،
وفي المدينة المنورة لعب الكتّاب دوراً بارزاً في حياة المدنيين
فأول ما عرفه المسلمون في المدينة كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
عندما كثر عدد صبيان المسلمين، ولا يجدون من يعلمهم،
فأمر باتخاذ كتاتيب في كل حي من أحياء المدينة،
يغدو إليه الصبيان يتعلمون فيه كتاب الله ومبادئ القراءة والكتابة،
وجعل للمعلم المتفرغ لذلك أجراً على عمله،


ظهرت في مختلف مدن الخليج العديد من الكتاتيب مارس فيها بعض الرجال والنساء التعليم الديني .
وقد ظلت هذه المدارس لقرون طويلة تؤدي رسالتها في تنشئة وتهذيب الأبناء
وإعدادهم إعداداً جيداً لكي يكونوا أبناء صالحين نافعين لآبائهم ومجتمعهم
.
ومنذ عام 1373هـ أخذت هذه الكتاتيب تتلاشى شيئاً فشيئاً بعدما أخذت المدارس النظامية الحكومية
والروضات الأهلية تزحف عليها وتحتل مكانتها،
ولم يبق من هذه الكتاتيب في المساجد إلا حلقات لتعليم القرآن الكريم
وحلقات أخرى لدروس العلم،






كيفية الالتحاق :
عندما يصل عمر الطفل إلى السادسة أو السابعة أو أصغر من ذلك
ترغب عائلته بإلحاقه في أحد الكتاتيب لي
تعلم قراءة القرآن ويجيد المبادئ في القراءة والكتابة .
ونظراً لإنشغال الآباء في البحث عن لقمة العيش أثناء موسم الغوص
أو الأسفار أو في البر سعياً وراء الرزق ,
فقد كانت المرأة هي التي تتولى مهمة تسجيل الإبن للدراسة على يد أحد مطاوعة (الفريج) الحي .


وتخبره في رغبة الأسرة في تعليم إبنها عنده عندما تقول له (هذا ولدي أبغيكم اتعلموه) ..
ويرد المطوع (إن شاء الله) .
أو تقول ( هذا ولدنا يايبينه لكم , سلموا عينه وعظامه واللحم إلكم )
وهذا الكلام يعني بأن يتولى المطوع تربية الولد وتهذيبه أو تأديبه ومن ثم تعليمه .


فإذا وصلت الظلال عند الخط المرسوم في الأرض أو عند حدود المنزل
يعرف المطوع بان الوقت للانصراف قد حان،
فيطرق بعصا على أداة من الصفيح معلنا انتهاء الدرس.


كما يستعمل ( المنحاز ) وهو أداة تستعمل لدق البهارات في الإعلان عن بداية ونهاية الدراسة في الكتاتيب . وعند سماع الأولاد لقرعات المطوع معلنا نهاية فترة الدراسة يندفعون خارج منزل المطوع مسرعين حاملين معهم أدواتهم ومصاحفهم وأثناء خروجهم يرددون بعض الأناشيد أو الكلمات وهي أناشيد جميلة تعبر عن فرحتهم باتهاء الدرس.


هــدونا .... هــدة غــدا
هــدونا ... هــدة غــدا


بندر الكوس ... الله هدانا
بندر الكوس ... سكر غدانا










" طرق العقاب "


إذا أخل الولد بواجباته أو تأخر في الدراسة أو بدأت منه خطيئة
فإن هذا يعرضه للضرب المبرح والحبس على يد المطوع .
وكان الأهالي في السابق يؤيدون طريقة المطوع في تأديب الولد
وعدم تركه لأهوائه ونزواته واذا تغيب احد الاولاد عن الدرس دون عذر معروف
يختار المطوع ثلاثة من الاولاد اكبرهم سنا ...
ويرسلهم في البحث عن الولد لاحضاره الى منزل المطوع
ويذهبون للبحث على البحر او في اماكن صيد الطيور في البر.


وعندما يشاهدونه ينقضون عليه ويحملونه من يديه ورجليه ويذهبون به الى المطوع
واثناء ذلك ترتفع اصوات الاولاد ويقولون ( يبناه يبناه ) اي احضرنا الولد الهارب
ثم يدخلون به على المطوع .. ويقوم المطوع بضربه بالعصا وربطه بالفلقة
وحبسه في السدرة حتى يعلن توبته.

 


طرق العقاب كانت شديدة ومبرحة للغاية،
لكون (المطوع) قد اخذ الضوء الأخضر من ولي الأمر عندما قام بتسليمه إليه،
حيث يقول الأب للمطوع:"خذ اللحم وعطنا العظم"،
أي بمعنى أن هذا الولد محض تصرفك بمعاقبته
إلى أن يأتينا بنتيجة مرضية تسر ويصبح هذا الولد متعلما.
ففي خلال تلقي التلاميذ الدرس يكون من بينهم المتذمر للدرس
والبعض من المشاغبين الذي يصدرون أصوات وحركات تثير الضحك للتلاميذ الآخرين
ويقوم هؤلاء الأطفال المشاغبون بإصدار حركاتهم خفية دون مرأى من (المطوع)
ولكن (المطوع) سرعان ما يكتشف هؤلاء المشاغبين فيتم معاقبتهم أمام زملائهم
حتى يكونا عبرة وعظة للغير، وعند عدم تمكن (المطوع) من اكتشاف التلميذ المشاغب
فإن (المطوع) يتوعد ويهدد بمعاقبة الجميع دون استثناء
ففي هذه الحالة يستدل البعض و (يفتن) على زميله المشاغب بالتلويح بإصبعه نحوه

 


" وسائل التأديب "


أما طرق التأديب فكانت تتم (بالخيزرانة)
وهي في الواقع مبرحة ومؤلمة جدا وتترك آثارا واضحة على الجلد عند الضرب وكذلك
( الفلكة )
هي المحبس فاذا تغيب احد الاولاد عن الدرس يوضع في الفلقة ..
وهي خشبة طويلة نسبيا وبها محز او سلسلة توضع اقدام الصبي في الفلقة ويقفل عليه .
ويضل في بيت المطوع مدة طويلة قد تتراوح احيانامن يوم الى ثلاثة ايام ..
وقد توضع القدمين في الفلقة وترفع الى الاعلى ويضرب بالعصا على حافة اقدامه.
وتكون الطريقة بأن يؤخذ الطفل ويرغم على أن ينام على ظهره
مع رفع رجليه إلى الأعلى وتوضع بينهما (الفلقة) وهي عبارة عن عصى بطرفيها حبل
فيتم ادخال الرجلين ما بين العصى والحبل مع لف العصى كي تصبح الرجلين مشدودة،
وأن من يقوم بلف العصى اثنين من أقران التلميذ ثم يتولى (المطوع)(بالتجحيش)
فيتلوى التلميذ من شدة الألم المبرح لدرجة لا يستطيع المشي -
أما التلاميذ الآخرون فيكونون بأتم السعادة والسرور عندما يشاهدون زميلهم- وهو يضرب
و (الخيزرانه) بصوتها المميز وهي تؤتي أكلها تماما في منتصف أسفل القدم،
ومعاقبة التلاميذ ليس فحسب لمشاغبتهم عند تلقيهم الدروس
بل يكون كذلك عندما يتسنى لولي الأمر ابلاغ (المطوع) بأن الطفل قد أحدث مشاغبة
في البيت فيقوم (المطوع) بنفس الطريقة السابقة معاقبة الطفل




صورة للفلكه






لقد كان (المطوع) شديد الحرص على تلقين التلاميذ الدروس لحفظها بالتكرار والإعادة،
فيقوم التلاميذ بحفظها عن ظهر قلب دون فهم ولشدة حرص (المطوع) على الأطفال
لحفظ الدروس في البيت وحيث أن الأطفال في الماضي شديدي الولع باللعب
والذهاب إلى البحر– لذا كان (المطوع) يضع علامة تسمى (نيشان)
من الحبر في أسفل ساق التلاميذ
وذلك كي يراها في اليوم التالي ليتأكد من أن التلاميذ لم يذهبوا إلى البحر
و إلا في حالة زوالها فإنهم ذهبوا إلى البحر.
أما بالنسبة للتلميذات فإنهن لا يعاقبن على الإطلاق من (المطوعة)
لأن التلميذات بطبيعتهن في السابق يتسمن بالهدوء والخجل والأدب،
ولكن إذا حدث منهن ما يغضب فإن (المطوعة) تلومهن على تصرفهن هذا.




"ختمة القرآن الكريم"


وقد كان المطوع ذا سطوه وهيبة في نفوس التلاميذ،
فمن حقه أي يستخدم الأطفال في شئون منزله الخاصة وأن ينزل بالعاق منهم العقاب،
وأحيانا يرسلهم إلى أحد المرضى ليقرأوا عليه القرآن الكريم
وربما ذهب معهم يشاركهم القراءة وما يقدم من طعام وشراب ويأخذ دونهم المال.
، وعندما يتم الصبي ( ختم القرآن) كان ذووه يحتفلون به ،
فيلبسونه الكوفية والعقال تشبها بالكبار واستبشارا بانتقاله إلى مرحلة الشباب،
وكانوا يزفونه بموكب يضم المطوع وعددا من أقران الصبي في الكتّاب ،
فيطوفون بالمنازل وهم ينشدون:




الحمدلله الذي هدانا...للنور والإسلام واجتبانا
سبحانه من خالق سبحانا...بفضله علمنا القرآنا
نحمده حقا أن يحمدا...حمدا كثيرا ليس يحصى عددا
طوال الليالي والزمان سرمدا...أشهد بأن الله (فردا واحدا)
وأن الرسول النبي الأمجدا..قلده الفضة والزبرجدا
يسبح له طير السما والرعد...يأتيك طير من طيور الهند
مخصب الريش حسين القد...يا سامع الأصوات فرج الكرب
يا من نوره على العرش احتجب..محمدا قد هداه الله حقا فاستجب
هذا غلام قد قرا وقد كتب... وقد تعلم الرسائل والخطب
واطرح على اللوح الدراهم والذهب...ولاتقصر يا ابن عشر بالقرَب
ولا يكن طريقك هما (وغضب)...الله يعطي ثم يجزي ويهب
إني تعلمت الكتاب الأكبرا...علمني معلمي ما قصرا
رددني في درسي وكررا...حتى قرأت مثله كما قرا
ورب من طاف حولي زمزم...فطاف سبعا وسعى بالحرم
فأذن الله لنا فنختم...فنختم القرآن نور الظلم
يا شيخنا هذا فتاك قد سلم...سرنا إليك بمسير من علم
نطلب منك واجب المعلم...معلم قاري كثير الفهم
فقلما يرضى بألف درهم...وثوب ديباج وثوب معلم
وأنت يا أم فنعم الوالده...دامت عليك نعمة وفائده
عسى نراك في الجنان خالده...مع نساء المصطفى مشاهده
ثم على حوض النبي وارده...وأنت يا عمة فنعم العمه
حماك ربي حسرة وغمة...بحق طه واقترب وعمه
وأنت ياخالي فنعم خالي...أنت الذي تعطي جزيل المال
والجد والجدة لا تنساهما..فعند ربي ذي العلا جزاهما
يارب فاجعل كل من هداني..محتسبا عندك بالجنان
الله جاء بالهدى المبين...فالحمدلله رب العالمين


*يرد الطلاب بصوت عال بعد كل مقطع (آمين).






وكان أهل الحي يدفعون لهم نقودا أو يقدمون لهم طعاما،
أما الفتاة فكان يحتفل بها في منزل أسرتها أو في بيت المطوعة إن كانت فقيره
وفي ختام الحفل يوزع عليهن الشراب والحلوى.